الجوف مفخرة التراث السعوديتحتضن نافذة المملكة على بلاد الشام
تاريخ وتراث وقلاع قديمة تحملك في رحلة البحث عن الماضي
قلاع قديمة تحاكي الماضي («الشرق الأوسط»)
الجوف: «الشرق الأوسط»
منطقة الجوف.. بوابة السعودية الشمالية ونافذتها على بلاد الشام وتركيا ودول أوروبا الشرقية، والمنطقة ذات التاريخ العريق الضارب في القدم، والتي يمر بها الطريق الدولي الذي يربط دول الخليج بمناطق الشمالية والشرقية والوسطى. هذه المنطقة تسعى لأن تكون إحدى مناطق الجذب السياحية الرئيسية بالسعودية، حيث تحظى المنطقة بمقومات سياحية جيدة تؤهلها إلى تحقيق مركز متميز على خارطة السياحة الداخلية السعودية.
وتسعى الجوف للانضمام لمنظومة السياحة السعودية، من خلال استثمار مقوماتها السياحية الفريدة المستمدة من تاريخها وموقعها والآثار القديمة التي تحتضنها، يمثل إضافة مميزة إلى المشروع السياحي الذي تتبناه الهيئة العليا للسياحة في السعودية، وللخطط والبرامج الترفيهية والتثقيفية والترويحية التي تنفذها الهيئة، خاصة في ظل التوجه العالمي القاضي بالاعتماد على السياحة كأحد مصادر زيادة الدخل القومي، وفي ضوء اعتماد الاقتصاد السعودي مبدأ الاقتصاد الحر الذي يؤكد على دور القطاع الخاص والمستثمرين في استغلال المقومات الطبيعية المتوافرة، التي تعد أساسا قويا لنشاط سياحي يمكن استثماره وتحقيق العائد منه.
ضمن ذلك الإطار تم إنشاء شركة متخصصة بالمنطقة للمشاريع السياحية والترفيهية، ويتوقع لها تنفيذ العديد من المشروعات، كما بدأت فرق اللجنة الخاصة بمسح وجمع المعلومات عن المواقع والمعالم الأثرية والسياحية بمنطقة الجوف تزاول عملها، وتضم ثلاثة فرق في كل من مدينة سكاكا ومحافظتي القريات ودومة الجندل. إلى ذلك أوضح الدكتور محمد بن عبد الرحمن الفارس، الأستاذ المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والمستشار غير المتفرغ للهيئة العليا للسياحة والمشرف على جمع المعلومات الخاصة بالأماكن والمعالم السياحية بمنطقة الجوف، أن المهمة التي يشرف على تنفيذها هي ضمن برنامج أعدته الهيئة ويغطي كافة مناطق السعودية، مؤكداً أن الهيئة عمدت إلى جمع معلومات دقيقة وشاملة لكي يكون التخطيط صحيحاً ويخدم الأهداف التي قامت من أجلها الهيئة.
وأضاف د. الفارس أن الهيئة تهدف من هذا العمل إلى سد النقص في المعلومات الخاصة بالمعالم والأماكن السياحية بالسعودية غير المشهورة، مشيراً إلى أن هناك كثيراً من المعالم الصغيرة التي يمكن أن تصبح معالم سياحية مشهورة. وقال إن الهيئة قامت بتصميم عدد من الاستمارات المختلفة لمعرفة المواقع الجديدة والوقوف على خصائصها، حيث تم تصميم برنامج وقاعدة معلومات لحفظها في الحاسب الآلي مع إمكانية استرجاعها على خرائط بهدف معرفة أي معلومة عن أي معلم اثري في السعودية.
وتطلع الفارس إلى تعاون الجهات الرسمية وكذلك الأفراد لكشف كل مكان يستحق أن يكون او يتوقع له أن يكون معلماً سياحياً، واستطرد قائلا إن جميع الأفكار التي تطرح يجب أن تخضع مسبقا للدراسة قبل التخطيط لها لمعرفة إمكانية كل مكان والموقع الذي من الممكن اختياره، مستشهداً باكتشاف عدد من الأشياء الأقل شهرة من قلعة زعبل الأثرية في سكاكا، والتي من الممكن أن تدعم مدة إقامة السائح في الجوف.
وأشار د. الفارس إلى تعاون الهيئة مع كافة الجهات الحكومية الأخرى فيما يخدم مجال تطوير السياحة، لافتاً إلى أن منطقة الجوف تتميز بعناصر جذب سياحي متعددة من أهمها: توافر العديد من الآثار القديمة بالمنطقة والتي تظهر بعضاً من تاريخها العريق، إلى جانب النهضة الحديثة التي تشهدها المنطقة، توافر البيئة الأساسية التي تخدم النشاط السياحي كالطرق والفنادق والمنتزهات والمزارات السياحية والأسواق التجارية وغيرها، وجود بحيرة دومة الجندل التي تعد من أهم عناصر الجذب السياحي للمنطقة، فيما لو تمت إقامة المشروعات السياحية والترفيهية عليها مثل الفنادق والمطاعم والألعاب المائية والملاهي وغيرها من عناصر استمتاع زوار وضيوف المنطقة من الأسر والمواطنين.
ولموقع منطقة الجوف خصائصه المميزة، خاصة انه يتوسط العديد من المناطق المهمة بالمملكة كما يمر بها الطريق الدولي الذي يربط دول الخليج ومدن ومحافظات ومراكز وقرى المنطقة الشرقية والوسطى بالمملكة، إضافة إلى مدن ومحافظات ومراكز وقرى المنطقة الشمالية بالشام وتركيا ودول أوروبا الشرقية عبر منفذ الحديثة الذي يتبع لمنطقة الجوف. وزاد طريق الجوف - حائل من أهمية المنطقة لكونه اختصر المسافة بين وسط المملكة وبينها، وتشغل منطقة الجوف مساحة 258000 متر مربع من ارض المملكة ويبلغ عدد سكانها 290000 نسمة موزعين على مدن ومحافظات ومراكز وقرى المنطقة المنتشرة على تلك المساحة.
ومنطقة الجوف تتميز بالعديد من الخصائص التي تميزت بها من سالف الأزمنة إضافة إلى الخصائص الطبيعية التي تشتهر بها، فهي منطقة تراثية حيث يوجد بها العديد من الآثار التي تتميز بقيمتها التاريخية، فهي تكتنز ضمن أرضها أقدم موقع تاريخي تم اكتشاف الاستيطان البشري به بموقع الشويحطية الذي يبعد عن مدينة سكاكا بقرابة 30 كيلومترا، وعن محافظة دومة الجندل بقرابة 80 كيلومترا، إضافة إلى الآثار التاريخية المنتشرة بها.
وهناك آثار مدينة سكاكا التي تشمل قصر زعيل، الرجاجيل، بلدة الطوير القديمة، جبل برنس، بئر سيسرا أو غار حضرة، قلعة الطويرن مغيرا المدارة وآثار محافظة القريات التي تشمل قلعة كاف، قصر المذهن كاف، وتل الصعيدي، وأثرة الحديثة. وتعتبر آثار محافظة دومة الجندل هي الأكثر أثراً وأهمية خاصة، أن محافظة دومة الجندل كانت في السابق هي حاضرة المنطقة ومقرا للعديد من الممالك العربية القديمة وهي تضم قصر مارد بدومة الجندل، مدينة دومة الجندل القديمة، مسجد عمر بن الخطاب، آثار سوق دومة الجندل، آثار مويسن، ومتحف الآثار بمنطقة الجوف.
وتجعل تلك الآثار من منطقة الجوف منطقة أثرية من الطراز الأول، وجانب الآثار يحتل مكانة أساسية في مجمل الاهتمامات الإنسانية فهناك الملايين من مواطني الدول المختلفة ومن السعودية الذين يقطعون آلاف الأميال للتعرف على معالم التراث الحضاري والثقافي في أماكن وجودها، بل إن هناك العديد من الدول تعتمد في صناعة السياحة لديها على ما لديها من آثار خلفها الأجداد. وما يوجد بمنطقة الجوف يعد مكوناً أساسياً لصناعة سياحة ناجحة.
ويشهد المناخ في منطقة الجوف تفاوتا في أرجاء المنطقة، فهو يتراوح من مناخ البحر الأبيض المتوسط إلى المناخ الصحراوي، والرطوبة في منطقة الجوف ذات علاقة عكسية مع الحرارة، ولذا فإن الانخفاض الكبير في معدلات الرطوبة النسبية في فصل الصيف يخفف من الحرارة في منطقة الجوف بصفة عامة أكثر منها في المناطق الساحلية، مما يجعل درجات الحرارة في أشهر الصيف مقبولة بصفة عامة. والمناخ المعتدل الذي يميز المنطقة، ويعد إحدى الخصائص الطبيعية لها يجعل منها موقعا مناسبا لإقامة مشاريع سياحية ناجحة، إضافة إلى أن منطقة الجوف تعد إحدى المناطق الزراعية الرئيسية بالمملكة، فهي تضم مساحات زراعية شاسعة وتشهد توسعا زراعيا كبيرا في مختلف المجالات الزراعية والحيوانية يدعم ذلك جودة الأراضي الزراعية المتوافرة وعذوبة المياه وتوافرها بكميات كبيرة. كما تضم منطقة الجوف كلاً من محمية الحرة ومحمية الخنفة. هاتان المحميتان اللتان تضمان حياة فطرية طبيعية، سواء بما تشغلانه من غطاء نباتي أو ما يتوافر بهما من حيوانات نادرة. وتعد المناطق المحمية إحدى المناطق الترفيهية الأساسية التي تلقى إقبالا كبيرا من المواطنين على مختلف المستويات، ولا شك ان تنظيم الزيارات لمثل تلك المناطق وإقامة المخيمات يعد احد روافد صناعة السياحة وجذبا للمواطنين لقضاء الكثير من الأوقات بمثل تلك الأماكن، ومن الحيوانات النادرة التي تتوافر بتلك المحميات الريم والادمي والقط البري والحباري والأرانب البرية والنيص والذئاب والثعالب والضباع المخططة. إن مجمل تلك الخصائص يجعل لمنطقة الجوف خصوصية طبيعية تؤهلها أن تكون إحدى المناطق السياحية الرئيسية بالمملكة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن السياحة تحظى باهتمام المواطن بالمملكة على نطاق واسع.
الإثنين نوفمبر 19, 2007 4:39 pm
